الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: النكت والعيون المشهور بـ «تفسير الماوردي»
.تفسير الآية رقم (3): قوله عز وجل: {وَأَذَانٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ} في الأذان ها هنا ثلاثة أقاويل: أحدها: أنه القصص، وهذا قول تفرد به سليمان بن موسى النشابي. والثاني: أنه النداء بالأمر الذي يسمع بالأذن، حكاه علي بن عيسى. الثالث: أنه الإعلام، وهذا قول الكافة. وفي {يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ} ثلاثة أقاويل: أحدها: أنه يوم عرفة، قاله عمر بن الخطاب وابن المسيب وعطاء. وروى ابن جريج عن محمد بن قيس بن مخرمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب يوم عرفة وقال: «هَذَا يَوْمُ الْحَجِّ الأَكْبَرِ» والثاني: أنه يوم النحر، قاله عبد الله بن أبي أوفى والمغيرة بن شعبه وسعيد بن جبير والشعبي والنخعي. وروي مرة عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: خطبنا رسول الله صلى عليه وسلم على ناقته الحمراء وقال «أَتَدْرُونَ أَيَّ يَوْمٍ هَذَا؟ يَوْمُ النَّحْرِ وَهَذَا يَوْمُ الحَجِّ الأَكْبَرِ». والثالث: أنها أيام الحج كلها، فعبر عن الأيام باليوم، قاله مجاهد وسفيان، قال سفيان: كما يقال يوم الجمل ويوم صفين، أي أيامه كلها. أحدها: أنه سمي بذلك لأنه كان في سنة اجتمع فيها حج المسلمين والمشركين، ووافق أيضاً عيد اليهود والنصارى، قاله الحسن. والثاني: أن الحج الأكبر القِران، والأصغر الإفراد، قاله مجاهد. والثالث: أن الحج الأكبر هو الحج، والأصغر هو العمرة، قاله عطاء والشعبي. .تفسير الآيات (4- 5): قوله عز وجل: {فَإِذا انْسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ} الآية. في الأشهر الحرم قولان: أحدهما: أنها رجب وذو العقدة وذو الحجة والمحرم، ثلاثة سرد وواحد فرد، وهذا رأي الجمهور. والثاني: أنها الأربعة الأشهر التي جعلها الله تعالى أن يسيحوا فيها آمنين وهي عشرون من ذي الحجة والمحرم وصفر وشهر ربيع عشر من شهر ربيع الآخر، قاله الحسن. {فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ} فيه قولان: أحدهما: في حل أو حرم. والثاني: في الأشهر الحرم وفي غيرها. والقتل وإن كان بلفظ الأمر فهو على وجه التخيير لوروده بعد حظر اعتباراً بالأصلح. {وَخُذُوهُم} فيه وجهان: أحدهما: على التقديم والتأخير، وتقديره فخذوا المشركين حيث وجدتموهم واقتلوهم. والثاني: أنه على سياقه من غير تقديم ولا تأخير، وتقديره: فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم. {وَاحْصُرُوهُم} على وجه التخيير في اعتبار الأصلح من الأمرين. وفي قوله {وَاحْصُرُوهُم} وجهان: أحدهما: أنه استرقاقهم. والثاني: أنه الفداء بمال أو شراء. {وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ} فيه وجهان: أحدهما: أن يطلبوا في كل مكان فيكون القتل إذا وجدوا، والطلب إذا بعدوا. والثاني: أن يفعل بهم كل ما أرصده الله تعالى لهم فيما حكم به تعالى عليهم من قتل أو استرقاق أو مفاداة أو منٍّ ليعتبر فيها فعل الأَصلح منها. ثم قال تعالى: {فَإِن تَابُواْ} أي أسلموا، لأن التوبة من الكفر تكون بالإسلام. {وَأَقَامُواْ الْصَلاَةَ} فيه وجهان: أحدهما: أي اعترفوا بإقامتها، وهو مقتضى قول أبي حنيفة، لأنه لا يقتل تارك الصلاة إذا اعترف بها. الثاني: أنه أراد فعل الصلاة، وهو مقتضى قول مالك والشافعي، لأنهما يقتلان تارك الصلاة وإن اعترف بها. {وَءَاتُوا الزَّكَاةَ} يعني اعترفوا بها على الوجهين معاً، لأن تارك الزكاة لا يقتل مع الاعتراف بها وتؤخذ من ماله جبراً، وهذا إجماع. .تفسير الآية رقم (6): قوله عز وجل: {وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ} الآية: وفي كلام الله وجهان أي إن استأمنك فأمِّنه. أحدهما: أنه عني سورة براءة خاصة ليعلم ما فيها من حكم المقيم على العهد. وحكم الناقض له والسيرة في المشركين والفرق بينهم وبين المنافقين. الثاني: يعني القرآن كله، ليهتدي به من ضلاله ويرجع به عن كفره. {ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ} يعني إن أقام على الشرك وانقضت مدة الأمان. {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ} يحتمل وجهين: أحدهما: الرشد من الغيّ. والثاني: استباحة رقابهم عند انقضاء مدة أمانهم. .تفسير الآية رقم (7): قوله عز وجل: {كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِيْنَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ} الآية. يحتمل وجهين: أحدهما: إذا لم يعطوا أماناً. الثاني: إذا غدروا وقاتلوا. وفي قوله {إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} أربعة أقاويل: أحدها: أنهم قوم من بني بكر بن كنانة، قاله ابن إٍسحاق. والثاني: أنهم قريش، وهو قول ابن عباس. والثالث: خزاعة، قاله مجاهد. والرابع: بنو ضمرة، قاله الكلبي. {فَمَا اسْتَقَامُواْ لَكُمْ فَاسْتَقِيمُواْ لَهُمْ} يعني فما أقاموا على الوفاء بالعهد فأقيموا عليه، فدل على أنهم إذا نقضوا العهد سقط أمانهم وحلّت دماؤهم. .تفسير الآية رقم (8): قوله عز وجل: {كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُواْ عَلَيْكُمْ} يعني يقووا حتى يقدروا على الظفر بكم. وفي الكلام محذوف وتقديره: كيف يكون لهم عهد وإن يظهروا عليكم. {لاَ يرْقُبُوْ فِيكُمْ} فيه وجهان: أحدهما: لا يخافوا: قاله السدي. الثاني: لا يراعوا. {إِلأَ وَلاَ ذِمَّةً} وفي الإلّ سبعة تأويلات. أحدها: أنه العهد، وهوقول ابن زيد. والثاني: أنه اسم الله تعالى، قاله مجاهد، ويكون معناه لا يرقبون الله فيكم. والثالث: أنه الحلف، وهو قول قتادة. والرابع: أن الإل اليمين، والذمة العهد، قاله أبو عبيدة، ومنه قول ابن مقبل: والخامس: أنه الجوار، قاله الحسن. والسادس: أنه القرابة، قاله ابن عباس والسدي، ومنه قول حسان: والسابع: أن الإل العهد والعقد والميثاق واليمين، وأن الذمة في هذا الموضع التذمم ممن لا عهد له، قاله بعض البصريين. {وَلاَ ذِمَّةً} فيها ثلاثة أوجه: أحدها: الجوار، قاله ابن بحر. الثاني: أنه التذمم ممن لا عهد له، قاله بعض البصريين. والثالث: أنه العهد وهو قول أبي عبيدة. {يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ} يحتمل ثلاثة أوجه: أحدها: يرضونك بأفواههم في الوفاء وتأبى قلوبهم إلا الغدر. والثاني: يرضونكم بأفواههم في الطاعة وتأبى قلوبهم إلا المعصية. والثالث: يرضونكم بأفواهم في الوعد بالإيمان وتأبى قلوبهم إلا الشرك، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يرضيه من المشركين إلا بالإيمان. {وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ} فيه وجهان: أحدهما: في نقض العهد وإن كان جميعهم بالشرك فاسقاً. والثاني: وأكثرهم فاسق في دينه وإن كان كل دينهم فسقاً. .تفسير الآيات (9- 11): قوله عز وجل: {اشْتَرَواْ بَئَايَاتِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً} في آيات الله تعالى ها هنا وجهان: أحدهما: حججه ودلائله. والثاني: آيات الله التوراة التي فيها صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم. والثمن القليل: ما جعلوه من ذلك بدلاً. وفي صفته بالقليل وجهان: أحدهما: لأنه حرام، والحرام قليل. والثاني: لأنها من عروض الدنيا التي بقاؤها قليل. وفيمن أريد بهذه الآية قولان: أحدهما: أنهم الأعراب الذين جمعهم أبو سفيان على طعامه، وهذا قول مجاهد ومن زعم أن الآيات حجج الله تعالى. والثاني: أنهم قوم من اليهود دخلوا في العهد ثم رجعوا عنه وهذا قول من زعم أنها آيات التوراة. {فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِهِ} يحتمل ثلاثة أوجه: أحدها: عن دين الله تعالى في المنع منه. والثاني: عن طاعة الله في الوفاء بالعهد. والثالث: عن قصد بيت الله حين أحصر بالحديبيّة. .تفسير الآية رقم (12): قوله عز وجل: {وَإِن نَّكَثُواْ أَيْمَانَهُمْ مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ} أي نقضوا عهدهم الذي عقدوه بأيمانهم. {وَطَعَنُواْ فِي دِينِكُمْ} يحتمل وجهين: أحدهما: إظهار الذم له. والثاني: إظهار الفساد فيه. {فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ} فيهم ثلاثة أقاويل: أحدها: أنهم رؤساء المشركين. والثاني: أنهم زعماء قريش، قاله ابن عباس. والثالث: أنهم الذين كانوا قد هموا بإخراج رسول الله صلى الله عليه وسلم، قاله قتادة. {إِنَّهُم لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ} قراءة الجمهور بفتح الألف، من اليمين لنقضهم إياها. وقرأ ابن عامر: {إِنَّهُم لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ} بكسر الألف، وهي قراءة الحسن. وفيها إذا كسرت وجهان: أحدهما: أنهم كفرة لا إيمان لهم. والثاني: أنهم لا يعطون أماناً.
|